الفـرقـة المهـدوية للأناشــيد الـدينيــة
أهلاً بك زائرنا الكريم
نرجو منك التسجيل في منتدانا والتواصل معنا بكل ما هو جديد
وان شاء الله تفيد وتستفيد

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الفـرقـة المهـدوية للأناشــيد الـدينيــة
أهلاً بك زائرنا الكريم
نرجو منك التسجيل في منتدانا والتواصل معنا بكل ما هو جديد
وان شاء الله تفيد وتستفيد
الفـرقـة المهـدوية للأناشــيد الـدينيــة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الفرقة المهدوية للأناشيد الدينية في البوكمال تتمنى لكم قضاء أمتع الأوقات في هذا المنتدى المتواضع .
دعــاء الحراسة للسيد الكبير أحمد الرفاعي رضي الله عنه : * بســــــــــم الله الرحمن الرحيــــــــم * بســـم الله توكلت على الله * بســــم الله أعتصمت بالله * بســـــــم الله انتصرت بالله * بســــم الله ما شــاء الله لا يأتي بالخير إلا الله * بســــم الله لا يصرف السوء إلا الله * بســـم الله ما شـاء الله ما كان من نعمة فمن الله * بســـم الله ما شـاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله * بســم الله ظهر ســـر الله * بســـم الله جاء نصر الله * بســــــم الله أتى أمر الله * بسم الله برزت غارة الله * بسم اللــه تمت كلمة الله * بسم الله ركبت خيول الله * بسم الله انتشرت جنود الله * بسم جاءت رجال الله * بسم الله لمعت آيات الله * بســـم الله نحن في أمان الله * بسـم الله علينا ستر الله * بســم الله حولنا حصن الله * بســــم الله فوقنا حفظ الله * بســـــم الله يحرســـــــنا حزب الله * بســــم الله دخلنـــــا في ســاحة لا اله إلا الله بسم الله خرجنا إلى صحراء محمد رسول الله بسم الله قل كل من عند الله * بسم الله نحن الغالبون بإذن الله * بسم الله معنا يد الله * بسم الله وكفى بالله * بســـــم الله والحمد لله * بســـــــــــم الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللــــــه * وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلـــــم

اذهب الى الأسفل
حمودي.الشاذلي
حمودي.الشاذلي
عدد المساهمات : 41
نقاط : 111
تاريخ التسجيل : 18/11/2010

سيدي الشيخ أحمد بن عليوة رحمه الله تعالى Empty سيدي الشيخ أحمد بن عليوة رحمه الله تعالى

الجمعة ديسمبر 24, 2010 8:04 pm
سيدي الشيخ أحمد بن عليوة رحمه الله تعالى

قال رضي الله عنه :"أما صناعة الكتابة فلم نتعاطاها، ولا دخلت الكتاب ولو يوماً واحداً، إلا ما استفدته من أبي رحمة الله عليه، عندما كان يُلقي علي بعض الدروس القرآنية بدارنا، وانتهى بي الحفظ في كتاب الله إلى سورة (الرحمن)، فبقي اللوح على تلك السورة، بما اشتغلت به في ذلك الحين من تعاطي بعض الأسباب التي دعتني إليها الضرورة، بما أن العائلة أعوزها ما كان بيديها، وكان الأب رحمة الله عليه رفيع الهمة، متعففا للغاية، لا يُبدي صفحات وجهه لأي أحد كان، بحيث أنه لا يظهر عليه سمة الإحتياج البتة، فترددت بين عدة مهن، و في الآخر لازمت صناعة الخرازة، فمهرت فيها وتوسع الحال من أجلها، فبقيت عليها سنوات إلى أن انتقلت إلى التجارة، و كنت فقدت الأب على رأس السنة السابعة عشر من سني، فذهب إلى عفو الله وهو عني راضٍ، وكنت مع صغر سني أستعمل معه سائر أنواع البُرور، ولا غاية نُحاولها أكثر من إدخال السُّرور عليه، وكان يُحبني حبّاً مفرطاً، ولم نعقل عنه أنه نهرني أو ضربني إلا في أوقات تعليمه إياي، كان ذلك منه بما أني كنت متراخيا في القراءة. أما الوالدة رحمها الله فكانت أشد من الوالد تفنُّنا في محبتي، وأقوى تحفظاً على سلامتي، حتى كانت تمنعني ليلاً من الخروج بما أمكنها من نحو الشتم والضرب و غلب الباب و غير ذلك، لكن بعد وفاة الأب وكم كنت أحاول إسعافها، ولكني لم أتوقف عما كنت أحافظ عليه من ملازمة بعض الدروس ليلاً، وبعض اجتماعات للذكر، وكان ذلك منها بمناسبة سكنانا خارج البلد، و الطريق مخوف والمشي بالليل على المنفرد متعذر، وهكذا دامت رحمة الله عليها على منعها إياي ودمت أنا على حضور تلك المجالس، إلى أن من الله علينا برضاها الأوفى، فصفت المودة بيني وبينها، ودامت على ذلك إلى أن انتقلت إلى رحمة الله عام 1332هـ - 1914م، وأنا على سن الستة والأربعين سنة، وكنت في جميع تلك المدة على أتم محافظة من جهة برها، والحمد لله، والله ولي التوفيق.
أما ملازمتي للدروس فلم تكن ملازمة تُعتبر بما أنها كانت تقع خلال أوقات الإشتغال وأوقات متفرقة، ولولا القريحة وملكة الفهم، ما كنت أتحصل منها على شيء يُذكر، غير أني كنت نديم المُطالعة، وقد نستغرق الليل بتمامه، وكان يُعينني على ذلك بعض المشايخ كنت أصحبه لمنزلي، ودمنا على ذلك مدة شُهور حتى تضرر بذلك بعض الزوجات، وطلقن علينا بدعوى عدم القيام بحقوقهن، وقد كان شيء من ذلك، وكيفما كانت الملازمة للدروس فإنها لم تبلغ حد السنتين، ولكني مارست فيها بعض فنون زيادة على ما اكتسبته من ملكة الفهم، ولكن ما تفتق ذهننا وتوسعت معلوماتنا حتى اشتغلنا بعلوم القوم، وصحبتنا لرجال الفن.
فقلت له لا بأس لو أطلعتمونا على سبب الإشتغال بهذا الفن، وماهو أول قدم كان لكم في صحبة أهل الطريق؟
فقال : أول ميل كان وقع لي لأهل النسبة على الإجمال، تعلقي بأحد الرجال من السادات العيساوية، كنت أراه متعففا يظهر عليه أثر الصلاح، وبعد ذلك اشتغلت بما تقتضيه تلك النسبة اشتغالاً كُلياً، وأعانني على ذلك حالة الصِّبا، وما عليه الطبع الفطري من جهة ميله للخوارق، وقد مهرت في ذلك وكانت لي حظوة بين رجال تلك النسبة، وكانت عقيدتي فيما أتعاطاه إلا التقرب إلى الله عز وجل جهلاً منّي، ولما أراد الله أن يُلهمني، كنا ذات يوم ببعض اجتماعاتنا فرفعت نظري إلى ورقة كانت في حائط ذلك المنزل، فوقع بصري اتفاقاً على كلام ينسبه صاحبه حديثاً، فاستفدت منه ما ألزمني بترك ما كنت أتعاطاه من الخوارق، وألزمت نفسي على أن أقتصر في تلك النسبة على ملا كان من قبل الأوراد والأدعية والأحزاب، ومن ذلك الحين أخذت أتنصل وأعتل للجماعة، إلى أن تركت جميع ذلك، وكنت أُريد أن أزحزح الجماعة بتمامها، ولكنه لم يتيسر. أما أنا فتنصلت كما كانت نيتي، ولم يبق لي من ذلك إلا أخذ الحية، فقد استمريت على أخذها بانفرادي، أو مع بعض الأحباب، إلى أن اجتمعت بالأستاذ الشيخ سيدي "محمد البوزيدي" رضوان الله عليه. فقال لي ذات يوم وهو عندنا بدكاننا : إنه بلغني أنك تأخذ الحية ولا تخشى من لسعها. فقلتُ له : نعم، كذلك كنت. فقال لي : هل يمكنك الآن أن تأتينا بواحدة فتأخذها بحصورنا؟ فقلت له : مُتيسر. وذهبت من حيني إلى خارج البلد، وبعد ما مر علي نصف يوم لم أجد إلا واحدة صغيرة يقرب طولها من نصف ذراع، فجئت بها ثم وضعتها بين يديه، وأخذت أقلب فيها كما هي عادتي، وهو ينظر رضي الله عنه إلى ذلك، ثم قال لي : هل تستطيع أن تأخذ أكبر من هذه الحية مما هو أكبر منها جرما؟ فقلت له : إنها عندي على السواء، فقال لي : ها أنا أدلك على واحدة أكبر وأشد منها بأساً، فإن أمسكتها وتصرفت فيها فأنت الحكيم. فقلت له : فأين هي؟ فقال : نفسك التي بين جنبيك، فإن سمها أشد من سم الحية، فإن أمسكتها وتصرفت فيها فأنت الحكيم. ثم قال لي : اذهب وافعل بهاته الحية ما هو عادتك أن تفعل بها ولا تعُد لمثل ذلك. فخرجت من عنده، وأنا أتخيل في شأن النفس وكيف يكون سمها أشد بأساً من سم الحية.
وأما اجتماعي بالأستاذ المذكور رضوان الله عليه وأمدنا الله من فيوضات أسراره، فإني كيفما تأملته إلا وأجده محض توفيق من الله عز وجل، فإننا ما سافرنا إليه ولا قصدناه لمحله، بل هو الذي زارنا لمحلنا على حين غفلة. كنت أتذاكر مع شريك لي في التجارة وهو الأخ المرحوم المقدم سيدي "الحاج بن عودة بن سليمان" ونتفاوض دائماً في شأن الصالحين وأحوال العارفين، ونرى من الواجب المتحتم اتخاذ قدوة في طريق الله على الشرط المقرر بين أهل الفن، ولكن كنا نستبعد الحصول على من هو بتلك الصفة المقررة، وعلى كل حال فقد كنا بصدد البحث، إلى أن وفق الله ذات يوم رفيقي فقال لي : كنت أعرف أحد المشايخ يدعى "حمو الشيخ" شريف النسب، كان مهاجراً بناحية المغرب سنين، وعندما تعلقت به جماعة، وقد كان تكلم في طريق القوم غير أنه سلط الله عليه من يُؤذيه، وتوجهت عليه الإعتراضات. أما الآن فهو كأحد الطلبة خاملاً لا يُرى عليه شيء من ذلك، وفي ظني أنه يكون ذلك الرجل ممن يُعتمد عليه في طريق الله، حسبما دلت عليه سُنة الله في خلقه، ما من مرشد ظهر إلا سلط الله عليه من يُؤذيه، إما من بين يديه أو من خلفه. قال لي كلاماً هذا معناه، وعند ذلك عقدنا العزيمة على الإجتماع به اعتماداً على ما ذكره رفيقي، أما أنا فما كنت أعرفه سوى يوم سمعت باسمه في حال الصغر بمناسبة مرض كان أصابني فجيء إلي برُقية، فقيل لي : هذا من عند سيدي "حمو الشيخ البوزيدي"، فاستعملتها فعوفيت من ذلك.
ثم إنا ونحن من بعد أيام في تجارتنا وإذا برفيقي يقول لي : هذا هو الشيخ ماراً على الطريق. ثم قام إليه، ودعاه إلى الجلوس عندنا فجلس، ثم دار الكلام بيننا، ولم أدر في أي موضوع كان الحديث بما كنت مشتغلاً به من الأسباب، ولما أراد الخروج رضي الله عنه طلب منه رفيقي أن لا يقطع زيارتنا، ثم ودعناه وانصرف، وبعد ذهابه سألت رفيقي عما وجده من حديثه، فقال : إن كلامه أعلى مما في الكتب. وهكذا كان يزورنا في تلك المدة وكان رفيقي هو الذي يُباشره بالسؤال والتحدث بكثرة، أما أنا فكانت تمنعني هيبته تارة والإشتغال بالتجارة أخرى، وفي خلال تلك المدة أخذ ذات يوم يُحقق فيّ، ثم قال للمقدم الذكور : "إن الولد صالح للتربية" أو قال :"فيه قابلية للتربية"، وفي مرة وجد بيدي ورقة فيها ما يتعلق بمدح الشيخ سيدي "محمد بن عيسى" رضي الله عنه، وبعدما نظرها قال لي : إذا طالت بنا الحياة تكون إن شاء الله من أشباه الشيخ محمد بن عيسى أو تكون في مقامه. فاستبعدت ذلك من نفسي, غير أني قلت له : إن شاء الله. وبالجملة لم تمر علي مدة حتى تعلقت به واتخذته قدوة في طريق الله، وكان رفيقي تقدم علي في ذلك بنحو الشهرين خفية مني، وما أخبرني إلا بعد تعلقي أنا، ولست أدري ما هي نيته في ذلك، وبعد أن لقنني الأوراد صباحاً ومساءً أوصاني ألا أتحدث بذلك، وقال لي :حتى نُخبرك. فلم يمرَّ علينا نحو الأسبوع حتى دعاني وأخذ يتكلم معي في الإسم الأعظم وفي كيفية الإشتغال به، ثم أمرني بالإنقطاع للذكر على الكيفية المقررة في ذلك الوقت، ولم تكن له رضي الله عنه خلوة مخصوصة للذكر، ومن أجل ذلك لم أتوفق لمحل صالح للإنفراد، فاشتكيت له ذلك، فقال لي : لا محل أصلح للإنفراد من المقبرة. فانفردت بها ليلاً فلم يتأتَّ لي ذلك، ولم تجتمع همتي على الذكر، مع أني حاولت ذلك أياماً، كل ذلك لما كان يعتريني من الرعب، فاشتكيت إلى الشيخ، فقال لي : أنا ما أمرتك بذلك على سبيل اللزوم، إنما قلت لا محل أصلح للإنفراد من المقبرة. ثم أمرني أن أقتصر في الذكر على ثلث الليل الأخير، وهكذا كنت أذكر ليلاً وأجتمع به نهاراً، إما بمجيئه عندي أو بذهابي عنده، غير أن المحل عنده لم يكن قابلاً للإجتماع دائماً من جهة العيال وغير ذلك. وكنت مع ذلك ألازم بعض دروس علمية كانت لي من قبل، أحضرها وسط النهار. فسألني ذات يوم : بأي فن يتعلق هذا الدرس الذي أراك تُحافظ عليه؟ فقلت له بفن التوحيد. وأنا الآن في تحقيق البراهين. فقال : قد كان سيدي فلان يُسميه بفن التوحيل. ثم قال : إن الأولى لك الآن أن تشتغل بتصفية باطنك حتى تُشرق فيه أنوار ربك، فتعرف معنى التوحيد، أما علم الكلام فلا تستفيد منه إلا زيادة الشكوك وتراكم الأوهام. قال لي كلاماً هذا معناه. ثم قال لي : الأولى لك الآن أن تترك سائر الدروس حتى تفرُغ من عملك الحاضر، لأن تقديم الأهم واجب. وإنه لم يشق علي شيء من أوامره مثلما شق علي هذا الأمر حتى كدت ألا أمتثله بما تعودته من محبة الدروس مع مساعدة الفهم، لولا أن ألقى الله بباطني : وما يُدريك أن يكون ذلك من قبيل العلم الذي أنت طالبه أو أعلى منه. وثانيا سليت نفسي بما أنه لم يكن المنع مؤبداً، وثالثاً بما أني كنت بايعته على الإمتثال، ورابعا قلت أنه ربما أراد أن يمتحنني بذلك كما هي عادة المشايخ، وكل ذلك لم يفدني سلامة من وقوع حزازة في الباطن، إلا أنها ذهبت بما أني استبدلت أوقات القراءة بالإنفراد للذكر وبالأخص عندما بدأت تظهر لي نتائج الذكر.
أما كيفية تدريجه للمريد رضي الله عنه فقد كانت تختلف، فمنهم من يتكلم معه في صورة آدم، ومنهم من كان يتكلم معه في صفات المعاني، ومنهم من كان يتكلم معه في الأفعال الإلهية، وكل كلام بكيفية تخصه.
أما السير الغالب الذي كان يعتمده، واعتمدناه نحن من بعده أيضاً، فهو أن يُكلف المريد بذكر الإسم المُفرد مع تشخيص حُروفه، حتى ترتسم –أعني الحروف- في مُخيلته، ثم يأمره ببسطها وتعظيمها إلى أن تملأ الحروف مابين الخافقين، ويُديم الذكر على تلك الهيئة إلى أن تنقلب صفاتها إلى شبه النور، ثم يُشير له بالخروج عن هذا المظهر بكيفية يتعذر التصريح بها، فينتهي روح المُريد بسرعة مع تلك الإشارة إلى خارج الكون مالم يكن المريد قليل الإستعداد، وإلا احتيج إلى تصفية وترويض، وعند تلك الإشارة يقع للمريد التمييز بين الإطلاق والتقييد، ويظهر له هذا الوجود مثل الكرة أو القنديل، معلقاً في فراغ معدوم البداية والنهاية، ثم يصير يضعف في نظره مع ملازمة الذكر، ومصاحبة الفكر، إلى أن يصير أثراً بعد عين، ثم يصير لا أثر ولا عين، ويبقى على تلك الحالة حتى يستغرق المريد في عالم الإطلاق، ويتمكن يقينه من ذلك النور المجرد، والشيخ في كل ذلك يتعاهده ويسأله عن أحواله، ويُقويه على الذكر حسب المراتب، حتى ينتهي إلى غاية يشعر بها المريد من نفسه ولا يكتفي منه إلا بذلك. وكان رضي الله عنه دائماً يتلو قوله تعالى : (ويتلوه شاهد منه)، فإذا تمت غاية المريد في هذا المشهد حسب المشارب من قوة وضعف، فيرجع به إلى عالم الشهادة، بعد الخروج عنه، فينقلب في نظره على خلاف ما كان عليه، وما ذلك إلا لإشراق بصيرته، وكيفما كان لا يراه إلا نوراً على نور، وكذلك كان من قبل. وفي هذا المقام قد يختلط على المريد الحابل بالنابل، فيقول كما قال غير واحد :"أنا من أهوى ومن أهوى أنا"، وما هو من هذا القبيل فيرجمه من لا خبرة له بمحصولات القوم وشطحاتهم بما شاء أن يرجمه به. ولكن لا يبعد صاحب هذا المقام أن يتلوه التمييز بين المشاهد، فيصير يُعطي المراتب حقها، ويُوفي المقامات قسطها، وقد كان أخذني هذا المقام واستوطنت به سنوات، فتفننت فيه، ونوهت بمقتضياته، فتناول الأتباع ما كتبناه في ذلك في كوني تحت حال سُطوته، فمنهم من هو الآن على علم بمُقتضياته، ومنهم من هو دون ذلك. وهكذا لا يزال يعدوني أحياناً، ولكنه لم يقض علي بالكتابة فيه. نعم يدعوني إلى كلام لكنه أيسر مؤونة، وأقرب إلى الشعور منه إلى الإستغراق.
ثم أقول أن المسلك الأخير الذي ذكرناه عن أستاذنا رضي الله عنه، هو الذي اعتمدناه في طريقنا، وسيرنا عليه أكثر أتباعنا، بما أنّا وجدناه أقرب المسالك في طريق السيرإلى الله، هذا وبعدما استنتجت ثمرة الذكر التي هي المعرفة بالله على طريق المشاهدة، ظهر لي تقصيري فيما كنت عليه من جهة معلوماتي في فن التوحيد، وذقت حينئذ ماكان يشير إليه الأستاذ، وبعد ذلك أمرني أن أشتغل بحضور الدروس التي كنت أحضرها قبل، ولما أخذت في حضورها وجدت نفسي على غير ما كنت عليه من الفهم، وصرت أتلقف المسألة قبل أن يُتم الشيخ تصويرها، ثم أستنتج فهما زائداً على ما يعطيه ظاهر اللفظ، وبالجملة إني وجدت فهماً لا مناسبة بينه وبين ما كنت عليه من قبل، وهكذا أخذت تتوسع عندي دائرة الفهم، حتى كنت إذا قرأ القارئ شيئاً من كتاب الله تسبق مشاعري إلى حل معانيه بأغرب كيفية في زمن التلاوة، ولما تمكن ذلك مني، وتحكَّم تحكُّم الطبيعيات، خشيت أن أدخل تحت تصرف ذلك الوارد الملازم، فأخذت في كتابة ما يُمليه الضمير في كتاب الله، فأُخرجه في صبغة ليست مألوفة، بما أني كنت تحت تصرف ذلك الوارد، وهذا هو الذي حملني في البدء على (شرح المرشد المعين بطريق الإشارة)، تحاشياً مني أن أقع فيما هو أبلغ عبارة. وعند ذلك وقف الفهم مني فيما يقرب من الاعتدال، وقد كان وقع لي مثل ذلك أيضاً قبل أن أجمع الكتاب المُسمى (بمفتاح الشهود في مظاهر الوجود)، الذي هو في الهيأة، تعلقت همتي بالعلويات لأسباب، وطاش سهم الفكر والحديث يطول. وقد نبهنا على شيء من ذلك في الكتاب نفسه، وبما أني كنت لا أستطيع دفع ذلك التيار، اشتكيت إلى الأستاذ رضي الله عنه فقال لي : "انزعه من دماغك، وضعه في كتاب فإنك تستريح من ذلك". فكان الأمر كما ذكر، والكتاب إلى الآن لم تسمح نفسي بنشره، والله يعلم بما في المستقبل.
ثم أعود لما كنت بصدده فأقول : ولما فرغت من الإشتغال بالإسم الذي كنت كلفته على سبيل اللزوم، وما كان ذلك إلا بعد أيام طوال، قال رضي الله عنه : "ينبغي لك الآن أن تحدث وترشد الناس إلى هذه الطريق، حيث إنك على يقين من أمرك". فقلت له : "وهل ترى أنهم يسمعون لي؟" فقال : "إنك تكون مثل الأسد، مهما وضعت يدك على شيء إلا أخذته". فكان الأمر كما ذكر، وكنت مهما تكلمت مع أحد وعقدت العزيمة على انقياده للطريق إلا وانقاد لكلامي، وعمل بإشارتي، حتى انتشرت تلك النسبة والحمد لله. وقد كنت سألته مرة عن أمره إياي بالتحدث، بعد أن كان أمرني بالسكوت أولاً. فقال لي :"كنت عندما قدمت من المغرب تكلمت بهذا الفن كما كنت قد تكلمت به من قبل، ولما واجهني الوجود بالإعتراض، رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشير علي بالسكوت، ومن ذلك العهد وأنا ساكت حتى كدت أن أحترق، ولهذا قبلت منكم نشر الدعوة، وإلا لما تجاسرت أن آذن لكم في الإعلان، وفي هذه الأيام الأخيرة رأيت من يقول لي : تحدث ولا حرج". ولعله كان يعني بالقائل له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والله أعلم. وهذا ما كان من أمر بدايتنا، ثم دمنا على صحبته خمسة عشر من السنين، عاملين في كل ذلك على نصرة الطريق، وقد آزرني على ذلك عدة رجال، فما بقي من كبارهم إلا ما يقرب من العشرة أمدّ الله في حياتهم وزاد في عنايتهم، آمين. أما أنا فقد كنت في طريق تلك المدة متفانياً في خدمة الشيخ، وعاملاً على بث الطريق، حتى كنت أهمل بعض الضروريات من الأشغال، ولولا صحبة المقدم ولي الله سيدي "الحاج بن عودة بن سليمان" الذي كان يحافظ لي على ماليتي، ويضبطني من جهة تجارتي، لقضيت عليها من أصلها، وبما كنا عليه من التفنن في خدمة الطريق، حتى كاد يظهر محل تجارتنا بصفة زاوية، أكثر من أنه كان به التدريس ليلاً، والذكر به نهاراً، وكل ذلك لم ينقص والحمد لله من ماليتنا، ولا قضى بتقصير في تجارتنا.
ثم أنه قبل وفاة الأستاذ رضي الله عنه ألقى الله في قلبي حب الهجرة فأخذت أتسبب في الإنتقال إلى جهة المشرق بكل وسيلة، بما كنت أرى عليه الوطن من فساد الأخلاق، وعندما كنت على وشك السفر إذ الأستاذ رضي الله عنه اشتد به المرض، وظهرت عليه بشائر الرحيل، فلم تسمح نفسي بمفارقته وهو على تلك الحالة، وهكذا لم يسمح أصدقائي بذلك , أما أنا فالأمر الذي كان يؤلمني بكثرة هو ما تشعب علي من الأعمال التي يتعذر تطبيقها، منها ما كان عليه الأستاذ من المرض الذي يستلزم المكث معه، ويُباينه ما كان بيدنا من رخصة السفر مع الأهل، وكان الأجل المضروب لها على انقضاء، وإذا تم ذلك فلا تُسخر من بعد، ويكون الضرر أشد، بما أن الرخصة يتعذر صدورها في ذلك الحين، ولما كنت عليه أيضاً من تعطيل الأسباب وبيع الأثاث، وبالجملة فكأني كنت في بلد غير بلدي، وقبل ذلك كنت بعثت الزوجة إلى أهلها بمدينة تلمسان لتُوادعهم، وكيفما كان الحال، اخترت أن أترك الأستاذ على آخر نفس وأذهب بعدما قضيت معه خمس عشرة سنة أُحافظ على بره، وما كنت عققته بشيء ولو قل، ولم تمر أيام قلائل حتى انتقل الأستاذ إلى رحمة الله .
فدمنا على الإحسان والملاطفة مع ابنه، وكان لا يثقل علينا شيء من أحواله التي كانت تثقل على غيرنا، إلى أن توفي رحمة الله عليه، ولم يُخلف إلا بنت فقمنا على مراعاتها أيضاً إلى أن تزوجت، وقد تزوجها أحد الأتباع وفقه الله إلى كمال البرور معها ومراعاة احترامها، ومازلنا نحن في مراعاة الإحسان لها، وفقنا الله وإخواننا لمثل ذلك.
ثم أعود لما كنت بصدده فأقول: بعدما أخذنا وديعة الأستاذ رضوان الله عليه، أخذت الاحبة في تجهيزه، ثم دفن بزاويته بعدما قدمت في ذلك للصلاة عليه، أمطر الله على قبره سحائب الرحمة وجلائل النعم، وبعد تلك المدة بأيام قلائل ورد عليّ خبر من أصهارنا بمدينة تلمسان يقولون فيه أن زوجتكم في أشد مرض، فذهبت إلى تلمسان وعندما وصلت وجدتها على آخر رمق، وكانت متدينة بارة حسنة المعاشرة، وبعدما مكثتُ معها نحو الثلاثة أيام انقضى نحبُها، وانتقلت شهيدة إلى عفو الله. رجعت إلى مستغانم حالة كوني فاقد الأستاذ رضي الله عنه، والزوجة، وما بيدي من الأثاث وأسباب المواد مع فقدان رخصة السفر، لأنه انقضى أجلها. وقد كانت الإشارة من الشيخ رضوان الله عليه أنني خليفة الشيخ و وراث سره وعلى هذا كان الإجماع من الفقراء لما سمعوه من الشيخ رضوان الله عليه ولما رأوه من رؤيا , فتوافدت جموع الخواص والعوام من أهل الطريقة للبيعة , وبعدها قمنا بسياحة وأسفار إلى بعض البلدان الإسلامية , وخلال مدة مُكثي بتونس تتوارد علي أفراد الفقهاء والفضلاء، وكانت تحصل مذاكرات ومفاهمات في عدة نوازل، ومن جملة من عقلت من أسماء الفقهاء الذين اجتمعت بهم حضرة المحدث الشيخ سيدي (الأخضر بن الحسين) وحضرة الشيخ سيدي (صالح القصيبي) والمدرس الشيخ السيد (احسونة الجزائري) وهكذا عدة طلبة منهم مطوعون ومنهم دون ذلك، وقد دخل الطريقة جماعة من القسم الأخير، وقد كان اقترح علي بعض الطلبة أن أجعل لهم درساً في "المرشد المعين" وأبسط لهم كلاماً فيه من طريق الإشارة، فكان ذلك في قول المصنف :
وجوده له دليل قاطع * حادة كل محدث للصانع
فوقع ذلك موقعاً حسناً عند السامعين، وكان هو السبب في تعلق بعض الطلبة بالطريق، وهكذا قضينا تلك المدة بين الذكر والتذكير، وقد انتفع البعض فالحمد لله بتلك الزيارة.
أما الأستاذ فمنذ أن استقر به النوى، لم يزل معتكفاًُ على تدريس الفقه والعربية، وبث الهداية الإسلامية من بين أبناء الملة ورجالها المؤمنين، وعلى إثر هذا العمل انتشرت نسبته في عدة بلدان، خصوصاً في البوادي حول مدينة غليزان، ومدينة تلمسان، وقد بلغ أمره فيها أن صارت أتباعه تُعد بالمئات، وقد شهد له فيها بكرامات عديدة، وفيوضات ربانية , وكانت أهل تلمسان تُجله كل الإجلال، سواء في ذلك مشايخها وفقهاؤها وذوو الفضل من تجارها، الأمر الذي لم يكن لغيره من معاصريه.
وفي تلك الأيام أيضاً ألف كتابه المسمى ب"لباب العلم في تفسير سورة والنجم" فجاء من أكمل ما ينتفع به المنتسب، ويرغب فيه الراغب من مرضاة الله، وقد كثر تردده في ذلك التاريخ على مدينة تلمسان حتى كان يزورها المرتين والثلاث في السنة، ويكاد يستغرق في كل زيارة ما يقرب من نحو الشهر أو الشهرين بتمامها، وإن اليوم الذي كان ينزل فيه بين أهلها يكون يوماً مشهوداً من بين الناس، بحيث كانت تغص فيه محطة القطار بالمنتظرين، وكان يُقابل فيها بكل حفاوة وإكرام, توفي رحمه الله تعالى سنة 1934 ميلادية رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته .



وصلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
مع تحيات{الـــشـــاذلــي}
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى