ادعاء البعض انه رأى الله تعالى باطل لا يجوز

ادعاء البعض انه رأى الله تعالى باطل لا يجوز.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين ..والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين..
وبعد

ردا على موقع لاحد شيوخ الطرق هنا في موقعه على الانترنت.الذي نقل عن كتاب الاحياء للغزالي موضوع رؤية الله تعالى بين البسطامي واحد مريديه.وتعليق فضيلة الشيخ عليه .فقد نقلت فيما يلي النص المذكور بالموقع حرفيا وعلقت على الموضوع والتعليق .واليكم النص وتعليقي عليه بين قوسين متتاليين:
يقول الموقع الكريم :
..من كتاب إحياء علوم الدين / للغزالي قال الغزَّالي : ((قال أبو تراب النخشبي يوماً لبعض مريديه: لو رأيتَ أبا يزيدٍ -أي: البسطامي- فقال: إني عنه مشغولٌ، فلمَّا أكثر عليه "أبو تراب" مِن قوله "لو رأيتَ أبا يزيد" هاج وجد المريد، فقال: ويحك، ما أصنع بأبي يزيد؟ قد رأيتُ الله فأغناني عن أبي يزيد!! قال أبو تراب: فهاج طبعي ولم أملك نفسي، فقلتُ: ويلك تغترُّ بالله، لو رأيتَ أبا يزيد مرةً واحدةً كان أنفعَ لك مِن أن ترى الله سبعين مرَّةً! قال: فبُهتَ الفتى من قوله وأنكره، فقال: وكيف ذلك؟ قال له: ويلك أما ترى الله عندك فيظهر لك على مقدارك، وترى أبا يزيد عند الله قد ظهر له على مقداره.
قال فضيلة الشيخ تعليقا على ما سبق:
(أن المقصود بالرؤية ليست الرؤية البصرية وإنما مقام الشهود الذي هو مقام الإحسان ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) ولهذاالمقام أدلة من الكتاب والسنة..
أقول ( ولكن الفرق كبير جدا بين مقام الاحسان كأنك تراه وبين عبارة - رأيت او وصلت الى رؤية الله - وهذا تبرير مرفوض ويبسط الامر الفظيع كثيرا.ويعطي مجالا واسعا حتى يتكلم كل بما يشاء ثم يدعي انه مقام الاحسان لا غير .))
وأبو تراب النجشي يتمنى لمريده لو رأى أبا يزيد البسطامي والمريد يترفع عن ذلك بدعوى أنه وصل إلى رؤية الله بنفسه ولا حاجة له بعد ذلك بسيدي أبا يزيد ورؤيته..
اقول ( انه الغرور بنفسه..وانه تلبيس الشيطان لا غير.. فلا داعي للهروب الى الامام والتفلت من مسؤولية عثرات اللسان على احسن الاحوال..فمن هو هذا المريد حتى يدعي انه وصل الى رؤية الله تعالى في هذه الدنيا.بهذه البساطة .بينما طلب الرؤية نبي الله موسى..فقال له حضرة الله لن تراني..) وقد حسم حضرة الله تعالى هذه القضية بقوله تعالى : (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير )..))
هذه إما أن تكون محض ادعاء أو حقيقية فإن كانت ادعاء فرؤيته لسيدي أبي يزيد أفضل وهذا واضح وإن كان على الحقيقة فرؤيته له سبحانه على قدر وسعه إذ لا إحاطة بالله سبحانه ومن رآه رآه على قدر نفسه لا على مقدار الله سبحانه ومما لاشك فيه أن رؤية سيدي أبي يزيد أوسع زاوية من رؤية هذا العبد..
اقول )) والله ان هذا الكلا م لرهيب..وفيه استخفاف برب العباد جل جلاله..فاذا كانت الرؤية هي حق وثابتة يوم القيامة وبلا كيف ولا أين..فكيف يتجرأ فضيلة الشيخ المحترم أن يتكلم على رؤية الله تعالى بهذه الطريقة بل ويحدد ان رؤية الشيخ لله اوسع من رؤية المريد..ان هذا لشيء تعافه النفس وتقشعر منه الابدان ..يا فضيلة الشيخ . انه حضرة الله تعالى..وانت تتكلم وكانه جرم او له شكل كبير جدا ولا يمكن الاحاطة به الى اخر هذه السفسطة الكلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.وان أي كلام من هذا القبيل لا يعتمد عل أية محكمة من كتاب الله تعالى او من حديث صحيح من سنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .لا يعتد به ولا يصدقه انسان عاقل..))
وهو كقولك لمن قرأ صحيح البخاري بنفسه فقيل له لو أنك رأيت الحافظ ابن حجر أي ليزيدك معرفة بصحيح البخاري فأجاب إن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في البخاري أغناني عن الحافظ ابن حجر أفلا يصح جوابه بقولك
لو رأيت ابن حجر مرة كان خيرا لك من صحيح البخاري ألف مرة والمعنى أن ما تحصله برؤية ابن حجر خير مما تحصله بقراءة البخاري مرات ومرات
أقول (حرام عليك يا سيدى الشيخ..ان هذا الكلام لا يجوز..فالتمثيل والقياس خاطىء من كل الوجوه..وأين ذهبت بقول الله تعالى : (فلا تضربوا لله الامثال)..وقد شبهت رؤية الله تعالى برؤية ابن حجر.هيهات .اين المخلوق من الخالق...لكنها عثرات اللسان..والمعصوم فقط هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..))
اقول :يا سادتي يا كرام..ان الموضوع جد خطير..فالاية الاولى : لا تدركه الابصار..قد نفت امكانية ادراك الذات الالهية بالدنيا..والاية الثانية : لن تراني..قد نفت طلب سيدنا موسى برؤية الله تعالى..بالدنيا ايضا..ولغير موسى من باب اولى.
واما ان يتصور او يخمن المؤمن ان الانوار او التجليات الظاهرة امامه بخياله هي حضرة الله تعالى اثناء اغماضه عينيه مثلا..فهذا تفكير خطير ووهم ليس له مثيل....فالله تعالى لا تكتنفه الظنون والاوهام ولا تدركه العقول والافهام..والعجز عن درك الادراك هو غاية الادراك بالدنيا كما صرح بعضهم.وقد قال الله تعالي :وهم يجادلون بالله وهو شديد المحال...والعقيدة الطحاوية والماتريديه التي هي عقيدة اهل السنة والجماعة اي عقيدة السادة اهل التصوف الحق...واضحة في هذا المجال..ومراجعتها من حين لاخر..قد تبقي المسلم على الصراط المستقيم..صراط الشريعة الغراء.فالله تعالى ليس هو عرض ولا صفة للعرض ولا جسم ولا روح ولا نور الشمس ولا الهواء المبثوث بين الاجرام ولا الفراغ بين الاجرام لان كل ذلك من مخلوقات الله تعالى والله ليس كمثله شيء ...ولا هو عين مخلوقاته ولا هو حال في مخلوقاته ولا هو فوق ولا تحت وليس له مكان ولا زمان لان الله كان وليس معه شي.قبل خلق مخلوقاته .وهو الان كما كان ..الخ...والله
يعني تصوروا ياسادتي اننا لو طبقنا حادثة البسطامي رضي الله عنه ومريده الان .وصار كل شيخ يطلب من مريديه النظر اليه لرؤية الله تعالى اكثر .. والعياذ بالله - ماذا يحدث لدينا..وفي العالم الاسلامي عدة مئات من السادة شيوخ التصوف الاجلاء..
انني – وبصراحة – افهم ان العامل المشترك بين جميع الطرق الصوفية الحقيقية – وعلى اختلاف صيغ اورادها واذكارها والتي لا تتعدى الاذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالاستغفار والصلاة على النبي ولا اله الا الله والاسم الاعظم والتسابيح ..وبصيغ متباينة- هو تأكيدهم على عبارة ( الله مقصودي ورضاه مطلوبي )..وان الولي او الشيخ هو واسطة ووسيلة لبلوغ هذا الهدف النبيل.أي على الانسان ان يتوجه بقلبه مباشرة الى الله تعالى وان صحبة الصالحين والاولياء الحقيقيين تساعده لبلوغ هذا الهدف السامي.وقد يستمد المريد من روحانية شيخه أو من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم – حسب مستواه – ولكن الاية الكريمة اياك نعبد واياك نستعين )هي القاعدة الذهبية والبوصلة والدليل الذي لا يخيب..
ومن الجدير ذكره ان صاحب الموقع المعني قد وصلته هذه المقالة وقام بنشرها في موقعه بالانترنت اشارة منه على موافقته عليها مشكورا وجزاه الله كل خير ، بينما بعض الجهلة من أدعياء التصوف في مواقع أخرى قد اعترضوا عليها بشدة ، وربما لأنهم يدعون رؤية الله بالدنيا أو هكذا يخيل اليهم ، والعياذ بالله تعالى من الغرور وتلبيس الشيطان الرجيم00
ألا فلتخسأ المواقع المعادية للتصوف التي تتخذ من مثل هذا الخبر في الاحياء مدخلا للطعن بالتصوف.فالتصوف هو الاسلام .ظاهره نقي ناصع البياض كباطنه..والخرافات موجودة في رؤوسهم فقط..
والله اعلم..
والحمد لله رب العالمين